مفارقات الكون الغريبة: ثقب أسود يضيء بالتناقضات

رغم أن الثقوب السوداء معروفة بأنها مناطق لا يستطيع الضوء الهروب منها، فإنها في الواقع مصدر لبعض من أضواء الكون الأكثر سطوعًا، فقد كشفت بيانات تلسكوب “فيرمي” لأشعة جاما، التابع لوكالة ناسا، عن آلاف من مصادر الضوء التي لا تعود إلى النجوم، بل تعرف باسم نوى المجرات النشطة، وهذه النوى تقع في قلب المجرات وتدور حول ثقوب سوداء ضخمة.
الطاقة الكامنة في الظلام
تُثبت الدراسات أن الثقوب السوداء في مراكز هذه النوى تفوق كتلة الشمس بمئات الآلاف إلى مليارات المرات، عندما تسحب هذه الثقوب الغاز والغبار، تتكون أقراص دوارة تعرف بأقراص التراكم، نتيجة للاحتكاك والتفاعلات المغناطيسية، تنبعث منها طاقة هائلة من الضياء، في حوالي 10% فقط من هذه النوى، هناك نفاثات عالية السرعة تتحرك بالقرب من سرعة الضوء.
التنوع في الرصد والتفاعل
يعتمد نوع نواة المجرة النشطة المرصودة من الأرض على اتجاهها، فالمجرات الراديوية تطلق نفاثاتها بشكل جانبي، بينما تطلق بليزارات (Blazars) النفاثات مباشرة نحو الأرض، مما يجعلها تبدو أكثر وضوحًا في رصد أشعة جاما، تشير البيانات إلى أن أكثر من نصف مصادر أشعة جاما المكتشفة حتى الآن تعود للبليزارات، ما يتيح للعلماء فهم طبيعة هذه الظواهر العنيفة بشكل أفضل.
البحث عن رواتب الكون الغامض
تعتبر نوى المجرات النشطة كنزًا علميًا مميزا، حيث تستطيع أن تكشف الكثير عن ماضي الكون، فهذه النوى وجدت في عصور مبكرة من الكون، ويعتقد أنها ساهمت في تشكيل المجرات وتحديد نقاط نموها، من خلال دراسة البيئة المحيطة بهذه الثقوب، يسعى العلماء إلى الحصول على فهم أعمق لبنية الكون وتاريخه.
تظل المفارقة قائمة: كيف يمكن لمناطق معروفة بابتلاع الضوء أن تكون وراء بعض من أكثر العروض البصرية تميزًا في الكون؟ الإجابة تكمن في التفاعلات القاسية المحيطة بها، تكشف هذه النوى المظلمة عن الطبيعة المتغيرة للكون، وبفضل البعثات مثل “فيرمي”، يظهر لنا أن بعض أكثر مصادر الضوء سطوعًا تأتي من أغمق أركانه.