هل أصبحت صناعة هواتف آيفون في الولايات المتحدة واقعًا ملموسًا؟

لا يزال الحديث عن تصنيع هواتف الآيفون في الولايات المتحدة يتردد بين الأوساط المختلفة، إذ يسعى الكثيرون للحصول على ملصق “صنع في الولايات المتحدة الأمريكية” لأجهزة آيفون المستقبلية، وعليه فإن الأمر ليس بهذه السهولة، فالأبعاد الاقتصادية والسياسية لهذا الموضوع تتطلب تحليلًا دقيقًا وتفصيلًا شاملًا.
تشير الإحصائيات إلى أن نحو 80% من تجميع هواتف الآيفون يتم في الصين، بينما يتم توزيع النسبة المتبقية بين الهند وفيتنام، حيث يُصنع جزء من مكونات الهواتف في عدة دول، منها اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، ليتم شحنها لاحقًا إلى مواقع التجميع في عملية متكاملة ومرتبة، مما يجعل إنتاج الهواتف ثنائي القطب.
تعود فكرة “صنع في الولايات المتحدة” إلى الحملة الانتخابية التي قادها دونالد ترامب، حيث اعتمد خلالها على شعارات تحفيز التصنيع المحلي، وهذا الأمر يتطلب إعادة التفكير في استراتيجيات الإنتاج، إذ واجه ترامب تحديات كبيرة بسبب الاعتماد على سلاسل الإمداد الخارجية، الصين كانت محور النقاش في هذا السياق.
على الرغم من أن هذه الفكرة بدت للبعض غير واقعية، إلا أن ترامب أظهر دعمًا لها من خلال اعتماد سياسة الحماية التجارية، حيث أتت الرسوم الجمركية التي فُرضت على البضائع المستوردة، كأحد العوامل المساندة لهذه الفكرة، ما أدى إلى حالة قلق بين المستهلكين حول زيادة الأسعار، بما في ذلك أجهزة آيفون.
في السادس من أغسطس، أعلنت شركة آبل عن تعهدها باستثمار 600 مليار دولار ضمن برنامجها للتصنيع الأمريكي، حيث تهدف هذه الاستثمارات إلى تعزيز وجود الشركة في الولايات المتحدة، وبالطبع، ستركز على مجالات حيوية مثل صناعة الرقائق وزجاج العرض، لكن السؤال هنا، هل يؤدي هذا التعهد إلى تصنيع هواتف آيفون جديدة في الولايات المتحدة؟
الكثيرون يتطلعون إلى أن يؤدي هذا الاستثمار إلى تقليل الاعتماد على الصين، لكن الأمر يبدو معقدًا، إذ قد تصل تكلفة إنتاج هاتف آيفون كامل في الولايات المتحدة إلى 3500 دولار، الأمر الذي يعد مبالغًا فيه.
تعد تكلفة العمالة من أبرز التحديات، حيث تبلغ تكلفة تجميع جهاز آيفون في الولايات المتحدة حوالي 200 دولار، مقارنةً بـ 40 دولارًا في الصين، وهذا يعكس الفجوة الكبيرة بين الأجور في كلا البلدين، مما يزيد من تكلفة الإنتاج.
تستمر العقبات في الظهور، إذ يعاني سوق العمل الأمريكي من نقص في القوى العاملة المؤهلة، وهو الأمر الذي أكده تيم كوك من خلال تصريحاته، حيث أشار إلى أن القدرة الإنتاجية لمتخصصي التقنية والجمع لا تكفي لتلبية الطلب، مما يستدعي استثمارًا إضافيًا في تدريب القوى العاملة.
علاوة على ذلك، تحتاج سلسلة التوريد إلى إعادة هيكلة إذا ما تمت عملية نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة، حيث يتم شحن المكونات حاليًا من مختلف أنحاء العالم، مما يعني أن إعادة تنظيم السلسلة قد تتسبب في تقليل الكفاءة وارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما يبقي الأسعار مرتفعة.